من النادر جدا أن يعلن كيان اقتصادي عن وجود فساد داخله .. سواء كان فساد فردي أو تشكيل .. خوفا على قيمة وسمعة العلامة التجارية .. وفي معظم حالات الكشف عن اي ثمة فساد غالبا يتم الاكتفاء بإقالة الفاسد او عدم التجديد او التمديد له ..
هذا الامر يحدث على المستويين العالمي والمحلي .. ومن هذا المنطلق أرى ان ما أعلنته وكشفت عنه شركة _ بي ام دبليو _ الألمانية العريقة بوجود عناصر فاسدة داخل الشركة امرا يحسب لهم _ و رغم عدم الكشف عن الصفات والاسماء لكن معظم التكهنات تتجه نحو شخص بعينه كان يشغل منصبا مرموقا داخل الشركة
ووفقا للمجلة الألمانية التي نشرت الخبر ووكالة رويتر العالمية _ تم تحويل هذا المسؤول _ السابق _ ومعه أربعة أفراد من موظفي الشركة للمحاكمة على خلفية بلاغ تقدمت به الشركة ضدهم ويحتوي على 36 اتهام من أبرزها تلقي رشاوى نظير منح عقود وكالة للعلامة الألمانية العريقة في بعض الدول _
تلقي رشاوى نظير منح عقود وكالة ؟؟!!
البعض قد يرى أن هذا الاتهام شأن داخلي يخص كيان عالمي وليس لنا علاقة به سواء بالتناول أو التحليل .. وقد تكون وجهة نظر صحيحة _ في حال إنحسار الأمر على تهم داخلية مثل خيانة الأمانة أو خلافه _ لكن في حالة احتواء صحيفة الدعوى المقدمة من المدعي العام الألماني بمحكمة ميونخ على تهمة رشوة نظير منح عقود وكالة فهو أمر يفتح باب التكهنات للكشف عن هذا الموظف السابق والدول التي كان مسؤولا عنها ..
ومن هذا المنطلق تفرض مجموعة من علامات الاستفهام نفسها _ أبرزها :
_ هل منطقتنا العربية من ضمن المناطق التي كان مسئولا عنها هذا الموظف الكبير السابق ممثلا عن علامة BMW ؟
_ هل تم تحرير عقود وكالة بمعرفته ؟ وهل تقتصر على الفترة من 2007 حتى 2015 فقط وفقا لصحيفة الاتهام ؟
_ هل سوف يتم مراجعة هذه العقود في ضوء اتهامه بالرشوة نظير منح الوكالة وبالتالي فإن أولوياته في اختيار الوكلاء اعتمدت على المنفعة الشخصية وليس وفقا لمصلحة العلامة ؟
_ وهل توجد علاقة بين هذه القضية وبين مستقبل العلامة في مصر ؟
الأيام القليلة القادمة سوف تكشف بالتأكيد عن إجابات وافية وشافية لعلامات الاستفهام سالفة الذكر ..
لكن فيما يتعلق باحتمالية تأثير هذه القضية على خريطة الطريق للعلامة البافارية في مصر .. فإنه في حالة ثبوت أن مصر كانت من ضمن الدول التي كان مسؤولا عنها المتهم في القضية _ في حالة ثبوت هذا _ فقد نعود الى نقطة البداية ويعاد فتح الملف برمته _ في حالة الإدانة _ لكن الأمر ليس هينا الى هذه الدرجة حتى لو كانت هذه العقود حررت بمعرفته .. لأنها وقعت بصفته وليس بشخصه ..
عموما عندي يقين بان الأيام القادمة سوف تشهد مفاجآت من العيار الثقيل .. واظن أن جراءة العملاق البافاري في الإعلان عن هذه القضية يتجاوز مرحلة الإعلان عن المتهمين الرئيسيين في هذه القضية _ لأن الكشف عن صفته واسمه سوف يحول التكهنات الى حقائق ومعلومات .. وقد يتم استبدال بعض الوكلاء على مستوى بعض الدول علي خلفية هذه القضية