كتب : حسين صالح
كثيراً من الأصدقاء يلجئون إلى عند رغبتهم فى شراء سيارة جديدة بحكم ارتباط عملى الإعلامى بقطاع السيارات _ خاصة فى فترات الأزمات
وطبعا لم تمر على مصر بوجه عام وسوق السيارات بوجه خاص ازمة اقتصادية مثل الأزمة الحالية لدرجة ان جميع الطرازات المطروحة او المتاحة بالسوق المصرى تخضع لقانون " الأوفر برايس " ورغم اننى فى معظم الأحيان ارفض التدخل والوساطة فى مثل هذه الأمور خاصة فيما يتعلق بالطرازات التى تخضع لظاهرة البيع بغير الأسعار الرسمية .. الا اننى تلقيت مكالمة من صديق عزيز يرغب فى شراء سيارة ولم أستطيع ان اخذله .. اخبرنى بماركة السيارة وسعرها المطروح وابلغنى ان افضل سعر حصل عليه هو 210 الف جنيه من احد المعارض الشهيرة .. سألته سعرها الرسمي كام ؟ قالى يعنى ايه السعر الرسمى ؟ قولت له السعر المعتمد من الوكيل .. طبعا ادركت من سؤاله انه من كثرة انتشار بل تعميم الظاهرة _ الأوفر برايس _ بات المستهلك يعتقد ان السعر المطروح من جانب الموزعون والتجار هو السعر الرسمى !! المهم عرفت ان السعر الرسمى للسيارة هو 180 الف جنيه .. ورغم تدخلى الايجابى الذى اثمر عن فتح باب الحجز لصديقى ووعده بانه سوف يستلم السيارة خلال شهر الا ان التقلبات ال غير مسبوقة التى حدثت مؤخراً فى سوق العملات الاجنبية ( السوق الذى بات يحكم مصر اقتصادياً وسياسياً وامنياً ) لم تمكن صديقي من تحقيق حلمه نظراً للزيادة الجديدة الرسمية من جانب الوكيل .. وطبعاً سوف يعقبها زيادة فورية غير رسمية من جانب الموزعون والتجار !!!
طب وبعدين ؟ ايه الحل ؟ نخليها تصدى ؟! ما ينفعش لانها ولو تعرضت للصدأ فى ناس كتير هاتصدى ... المهم ان سوق السيارات خلال هذه اللحظات لم يصاب بالشلل المؤقت الذى يعقب كل ازمة بل انه تعرض للوفاه الاكلينيكية
ومن وجهة نظرى ارى ان الجميع يتحمل مسئولية هذه الجريمة واولهم المستهلك الذى من المفروض ان يكون الطرف الاقوى فى المعادلة البيعية لانه صاحب قرار الشراء .. ولكن إستجابته الفورية لأية زيادات خاصة الغير رسمية التى تطرح من جانب التجّار تَخَلَّق مزيداً من الطمع من جانب معظمهم .. فمتى سوف يستخدم المستهلك قوته فى انه صاحب قرار الشراء وبدونه تفشل المعادلة ؟؟!!
ولكن للاسف فأننا لا نتمتع بثقافة المقاطعة عند تعرضنا لهذه الظروف بل ان السوق فى مثل هذه الظروف يكون اكثر رواجاً لدرجة ان فلسفة التعطيش والزيادة المطردة فى الأسعار باتت اقصر طرق الترويج من جانب مدراء التسويق وأصبحت بديلا سهلا ومضمونًا وأقل تكلفة من الحملات الإعلانية والترويجية
المتهم الثانى فى جريمة الشروع فى اغتيال سوق السيارات هم السادة مسئولوا القطاع المصرفى فى مصر بإصدار قرارات عشوائية غير مدروسة لدرجة ان جميع القرارات التى خرجت من جانبهم للحد من ارتفاع الدولار كانت تصب فى مصلحة المضاربين !!
اما ثالث المتهمين فى الجريمة المشار اليها فهم بعض القيادات داخل بعض الوكالات .. داخل بعض هذه الوكالات تحول الى تاجر عملة ومن مصلحته استمرار حالة الارتباك _ وللحق فإن المعلومات المتوفرة الى فى هذا الشأن تنصب حول اثنين فقط من هذه القيادات
وهناك شكل اخر من أشكال الفساد تحدث فى عدد محدود من الشركات من خلال التلاعب فى الحصص المخصصة للموزعين خاصة فى ظل إيقاف عمليات الحجز بل البيع من جانب جميع وكلاء السيارات وبالتالى يحصل البعض على حصص إضافية على حساب اخرين فى ضوء وجود هامش ربح مرتفع نتيجة البيع بغير الأسعار الرسمية وللاسف الشديد فإننا نملك صور حية لمخازن بعضهم تكتظ بكميات هائلة من السيارات التى يدعى البعض منهم انها غير متاحة !!!!
وختاماً ومن منطلق ان التعرف على أسباب المشكلة يمثل اول الحلول للمشكلة فإننى ارى ان تصحيح
المسار رغم خطورة الوضع الإقتصادى بوجه عام مازال فى الإمكان فى حال تمتع المستهلك بالصبر وعودة القطاع المصرفى الى رشده واستبدال المسئولون الفاسدون داخل بعض شركات السيارات والمستفيدون من حالة الارتباك التى يتعرض لها السوق فى الوقت الراهن . .