الجمعة 19 أبريل 2024

سيباستيان فيتيل.. أصغر العظماء

سيباستيان - 1
حجم الخط: ع ع ع

كان الزمان هو السابع عشر من يونيو عام 2007، والمكان هو حلبة مدينة إنديانابوليس للسباقات بولاية إنديانا الأمريكية، والتي يطلق عليها حلبة "سبيد واي Speedway"، أما الحدث فهو سباق الولايات المتحدة للجائزة الكبرى "فورميولا1"..

فريق BMW يعاني مشكلة كبيرة، الأعصاب متوترة، والنقاشات دائرة منذ ستة أيام كاملة، فسائق الفريق "روبرت كوبيكا Robert Kubica" كان قد أصيب في حادث خطير على الحلبة في المنافسات السابقة، والتي كانت قد أقيمت في السابع من يونيو في مونتريال بكندا، وبالتالي أصبح على إدارة الفريق أن تعتمد على السائق الثالث في الفريق لتعويض هذا الغياب.. بالطبع لم يكن لدى الإدارة أي شك في قدرات وموهبة الشاب اليافع، غير أن صغر سنه وقلة خبرته جعلا قرار مشاركته في السباقات الرسمية لأول مرة يحمل الكثير من المخاطرة، غير أن القرار في النهاية قد اتُخذ، وأصبح تشكيل الفريق على الحلبة مكونًا من سائقين، الأول هو "نيك هيدفيلد Nick Heidfeld"، والآخر هو البطل الصغير "سباستيان فيتيل Sebastian Vettel"..

القصة من البداية

وُلد سباستيان فيتيل في مدينة "هيبينهايم Heppenheim" الألمانية.. الأم "هايكه Heike" والأب "نوربيرت Norbert"، والتاريخ الثالث من يوليو عام 1987، طفل ثالث للعائلة سيصبح فيما بعد الثالث بين أربعة أبناء، اثنين أكبر عمرًا هما "ميلاني" و"ستيفاني"، وآخر أصغر –لم يكن قد ولد في ذلك التاريخ بالطبع J- وهو "فابيان"..

لم يكن سباستيان متفوقًا في سنوات دراسته المدرسية، وقد صرح في لقاء صحفي أنه كان (فظيعًا) في مرحلة الدراسة تلك، وأن أداءه لم يكن على ما يرام، إلا أنه استطاع اجتياز الامتحانات الخاصة بالمرحلة الثانوية والمؤهلة لدخول الجامعة مع درجة كبيرة في مادة الألعاب الرياضية، وعقب إنهائه دراسته الثانوية كان من البديهي أن يبدأ في البحث عن فرصه له بين أسوار إحدى الجامعات، إلا أنه قرر أن يبحث عن فرصته في مكان آخر.. على حلبة السباقات.

ثلاثة "مايكل"!

في مرحلة الصبا والشباب، وكأغلب الناس، كانت لسباستيان اهتماماته الرياضية والفنية، وأثر في حياته على هذا الصعيد ثلاثة نجوم، شكلوا بالنسبة له قمة جبل النجاح الذي يتمنى ارتقاءه، وللمصادفة الغريبة أن الثلاثة كان اسمهم "مايكل"، فالأول كان نجم سباقات السيارات الألماني "مايكل شوماخر Michael Schumacher"، والثاني هو لاعب السلة الأمريكي الأشهر "مايكل جوردن Michael Jordan"، أما الثالث والأخير فكان نجم البوب العالمي "مايكل جاكسون Michael Jackson"، ويذكر سباستيان أنه فكر في بدايات حياته أن يكون مطربًا، غير أنه اكتشف أنه لا يملك الموهبة الخاصة بالغناء، وهو ما دفعه للعدول عن الفكرة.. لحسن الحظ J.

موهبة مبكرة

بدأ اهتمام فيتيل يظهر بالسيارات في سن مبكر جدًا، في مسابقات ألعاب الكاترينج للأطفال، حيث كان عمره وقتها أقل من أربع سنوات، وعام 1995 خاض أول سباق حقيقي منظم لتلك العربات ولم يكن سنه وقتها قد تعدى الثامنة، ولقد أظهر موهبة كبيرة في هذا السباق، وبعد حوالي ثلاث سنوات -عام 1998- تم قبوله في فريق "ريدبول للصغار Red Bull Junior Team" وكان عمره في ذلك الوقت أحد عشر عامًا فقط، ليتألق عامًا بعد آخر، حتى إنه في عام 2001 حقق المركز الأول في سباقات "كأس موناكو كارت للصغار Junior Monaco Kart Cup"، وهو ما دفع فريق BMW للتعاقد معه عام 2003.. وبعد عام واحد فقط -في 2004- تمت ترقيته إلى سباقات "السيارات ذات العجلات المفتوحة Open-wheel cars"، وهي سباقات مخصصة للسيارات التي تكون عجلاتها الأربع خارج جسد السيارة، وتعتبر تمهيدًا لمسابقات الجائزة الكبرى، وفي تلك المسابقات حقق فيتيل ثمانية عشر انتصارًا من مجموع عشرين سباقًا، وهو الأمر الذي جعل اسمه يسترعي انتباه العديد من الفرق المشاركة في سباقات السيارات في أوروبا..

وفي عام 2005 كان فيتيل يلعب في مسابقات فورميولا 3 الأوروبية تحت اسم فريق "أيه أس إل موخ موتور سبورت ASL Mucke Motorsport"، ليحقق المركز الخامس في الترتيب النهائي برصيد 63 نقطة، ليعود بعدها عام 2006 إلى فريق BMW ويبدأ رحلته مع مسابقات الجائزة الكبرى.

فورميولا 1

مع أواخر عام 2006 بدأت رحلة سباستيان فيتيل نحو النجومية مع سباقات الفورميولا 1 تأخذ مسارًا جديًا، حيث اشترك في اختبارات السرعة السابقة على منافسات جائزة تركيا الكبرى، بعد أن أصبح السائق الثالث للفريق في أعقاب استبعاد "جاك فيلنوف Jacques Villeneuve" عقب سباق الجائزة الكبرى المجري، ليصبح "روبرت كوبيكا Robert Kubica" السائق الثاني للفريق، ويخلو مكان السائق الثالث ليتقدم فيتيل ويشغله في ثقه وقدرة، حيث بدأ المشاركة في اختبارات السرعة رسميًا وعمره تسعة عشر عامًا و53 يومًا بالضبط، ليكون أصغر المشاركين في تلك السباقات، ويحقق أعلى معدل سرعة لفات، حتى إنه –ولقلة خبرته آنذاك- كان قد تجاوز في بعض المرات محاذير السلامة بتعديه السرعات المقررة، مما اضطر فريق BMW لدفع غرامة مالية جراء ذلك.. وفي عام 2007، وبعد الحادث الذي تعرض له كوبيتسا على حلبة مونتريال، أتيحت الفرصة لأول مرة لفيتيل للاشتراك في المسابقات الرسمية.

حساب باليوم

مع فيتيل لا يمكنك إلا أن تحسب انتصاراته باليوم، فمع نهاية سباق الجائزة الكبرى في إنديانابوليس عام 2007 كان هو اللاعب الأصغر سنًا، الذي استطاع تحقيق أول نقطة رسمية له من بين كل اللاعبين في تاريخ منافسات فورميولا 1 قاطبةً، ففي هذه الأثناء كان عمره 19 عامًا و349 يومًا بالتحديد، وهو رقم قياسي حطم الرقم السابق المسجل باسم المتسابق البريطاني "جونسون باتون Jenson Button"، الذي حققه عام 2000 في سباق الجائزة الكبرى بالبرازيل، وكان عمره وقتها 20 عامًا و67 يومًا.

موسم جديد

مع موسم 2008 كان فيتيل قد انتقل إلى فريق تورو روسو، غير أنه وعلى عكس المتوقع بدأ الموسم في وضع سيئ للغاية؛ فبعد أربعة سباقات كان هو السائق الوحيد الذي فشل في إنهاء حتى سباق واحد، بل وخرج من الحلبة بعد اللفة الأولى في ثلاثة سباقات منها، حيث تسبب في حوادث لمتسابقين آخرين، وفي السباق الرابع كان خروجه بسبب عيوب تقنية في المحرك، وفي السباق الخامس -سباق الجائزة الكبرى التركي- خرج في المركز الرابع عشر بعد وجود عيب في الإطارات.. غير أن فيتيل قلب الوضع في السباقات التالية على ذلك التي كان أولها سباق موناكو، حيث أنهى السباق في المركز الخامس، ليستمر في المراكز المتقدمة حتى الوصول إلى سباقات الجائزة الكبرى في إيطاليا على حلبة مونزا الشهيرة، ليفوز هناك ويحقق لأول مرة اللقب في فورميولا 1، ويصبح أصغر من حققه في تاريخ المسابقات، حيث كان عمره يومها 21 عامًا و74 يومًا، متخطيًا بذلك الرقم القياسي المسجل باسم المتسابق الإسباني "فيرناندو إلونسو Fernando Alonso"، الذي حققه عام 2003 في سباق الجائزة الكبرى بالمجر، حيث كان يبلغ من العمر وقتها 22 عامًا و26 يومًا.

من الهزيمة إلى النصر

مع بداية موسم 2009 كان فيتيل قد انتقل إلى فريق ريد بول، حيث بدأ بداية قوية مع سباق أستراليا، إلا أن الصدام على الحلبة بينه وبين رويرت كوبيكا قبل اللفة الأخيرة، ومحاولة فيتيل إنهاء السباق على ثلاث عجلات، كان لهما أثر سلبي على ترتيبه في النتائج النهائية، لكنه دخل في سجال مع إدارة تحكيم السباق، وأثبت عدم وقوعه في أي خطأ لأن العلم الأصفر الذي يقوم بدور التحذير من التجاوز لم يكن مرفوعًا وقت التصادم، وبالتالي فإن عملية التجاوز التي قام بها فيتيل وأدت إلى التصادم تكون صحيحة من الناحية القانونية، وجاء القرار في النهاية لصالحه، وهو ما أنقذ بعض النقاط من الضياع..

ويستمر فيتيل في تحقيق مراكز متقدمة، ويقوم بالجمع بين المراكز الأولى في نفس هذا الموسم في سباقات الصين، بريطانيا، اليابان، والإمارات، ويصبح أصغر سائق يستطيع الجمع بين عدة سباقات في موسم واحد.

حصاد الانتصارات

في 21 من أغسطس عام 2009 أعلن فريق ريد بول عن مد التعاقد مع سباستيان فيتيل حتى نهاية موسم 2011، وهو ما منح فيتيل الاستقرار المطلوب للتركيز، فاستمر في تحقيق الانتصارات في موسم 2010، حيث حقق الفوز بالمركز الأول في سباقات الجائزة الكبرى بماليزيا، أسبانيا، اليابان، البرازيل، والإمارات، تلك الانتصارات هي ما دفع فريق ريد بول إلى مد التعاقد مرة أخرى مع فيتيل إلى عام 2014، ليمنحه مزيدًا من الاستقرار ويحقق معه مزيدًا من الانتصارات، فأتى موسم 2011 رائعًا بحق؛ حقق فيه فيتيل المركز الأول في أحد عشر سباقًا من مجموع تسعة عشر سباقًا للجائزة الكبرى، حيث وقف على منصة التتويج في أستراليا، ماليزيا، تركيا، موناكو، بلجيكا، إيطاليا، سنغافورة، كوريا، الهند، وأسبانيا مرتين في جائزة أسبانيا وجائزة أوروبا، وليصبح في هذا الموسم بطل العالم رسميًا بلا منازع، وهو ما تكرر في مواسم 2012 و2013 على التوالي، غير أن موسم 2014 لم يكن من المواسم السعيدة على فيتيل؛ فلقد تأخر ترتيبه إلى المركز الخامس عالميًا في مسابقات فورميولا 1، وهو ما دفعه إلى عدم تجديد العقد مع ريد بول، والتوقيع مع فيراري على خلفية ما كان قد صرح به من قبل حول رغبته في القيادة للفريق الأحمر، وهو ما تم بالفعل في مسابقات موسم 2015، وحقق فيتيل المركز الأول في سباقات ماليزيا، المجر، وسنغافورة.

---------

يقول سباستيان فيتيل عن نفسه إنه إنسان عادي مثل أغلب الشباب، تبهره موسيقا البيتلز، ويحب كرة القدم مثل أغلب الشعب الألماني، ويشجع فريق "فرانكفورت إنتراخت"، غير أن الواقع يؤكد لنا أن نظرة فيتيل عن نفسه هي أقل بكثير مما تستحق تلك الموهبة التي تمتعنا كثيرًا، تمامًا مثل جاكسون وجوردن، وشوماخر أيضًا.


اضافة اعلان
اضافة اعلان
اضافة اعلان
اضافة اعلان
اضافة اعلان


ذات صلة

رولز رويس فانتوم.. صديقة العظماء

10:00 م الخميس 11 يناير 2018

777 تتفوق على رابع العظماء!

10:00 م الثلاثاء 02 يناير 2018

إقرأ ايضا

لوسيد.. التطور السريع من تصنيع البطاريات إلى السيارات

1:12 م الأحد 13 سبتمبر 2020

في وداع شيفروليه أفيو.. رحلة المحبوبة الأمريكية أفيو في مصر؟

6:10 م الإثنين 24 أغسطس 2020

بعد إحياء التصنيع مجددًا.. تعرف على تاريخ شركة النصر للسيارات

12:05 م الإثنين 22 يونيو 2020

قصة صعود شركة بيجو الفرنسية للسيارات واختيار الأسد شعارا لها

5:52 م السبت 06 يونيو 2020

قصة "ميني كوبر".. قناة السويس السبب في اختراعها

10:48 ص الإثنين 11 نوفمبر 2019

كسرت خوف زوجها مؤسس "مرسيدس بينز".. قصة أول إمرأة تقود السيارة

11:47 ص السبت 02 نوفمبر 2019